[b][center]الإنسان في الارتفاعات العالية[/center] [/b]
يقول الله تعالي في كتابه الكريم
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام و من يرد أن يضله يجعل صدره
ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس علي الذين لا يؤمنون (الأنعام: 12)
لقد أثبت علم الطيران أن الإنسان حين يتعرض للارتفاعات العالية في الطبقات العليا في السماء، تحدث له أعراض فسيولوجية تتدرج من الشعور بالضيق (الذي يتركز في منطقة الصدر)، إلي الدخول في مرحلة حرجة إذا استمر في التعرض للارتفاعات العالية و انخفاض الضغط الجوي. فهل هناك صلة بين ما جاء في الآية الكريمة و ما اكتشفه العلم الحديث؟
الحقائق العلمية الحديثة فيما يتعلق بحال الإنسان في الارتفاعات العالية:
1. الغلاف الجوي و طبقاته و تأثيره فسيولوجيا علي الإنسان:
- منطقة كافية "فسيولوجيا" من سطح البحر إلي ارتفاع 10000 قدم. كمية الأكسجين الموجودة في هذه المنطقة تكفي فسيولوجيا لحياة الإنسان.
ب - منطقة غير كافية "فسيولوجيا" من10000 - 50000 قدم. يوجد في هذه المنطقة نقص في كمية الأكسجين، بالإضافة إلي الانخفاض في الضغط الجوي، و وينتج عن ذلك آثار واضحة علي "فسيولوجيا" جسم الإنسان، فتظهر أعراض نقص الأكسجين Hypoxia ، و أعراض انخفاض الضغط الجوي Desparism .
ج _ منطقة الفضاء التقريبي: من ارتفاع 50 ألف قدم إلي حوالي 633 ألف قدم ، و لا يستطيع الإنسان من الناحية الفسيولوجية أن يعيش في ارتفاع أكثر من 50000 قدم حتى لو تنفس 100% أكسجين، بل لا بد له من ارتداء ملابس الفضاء ليتحمل الانخفاض في الضغط الجوي و نقص الأكسجين في هذه الارتفاعات.
2. مراحل أعراض ظاهرة نقص الأكسجين:
تنقسم إلي أربعة مراحل تتعلق بالضغط الجوي و مستوي الارتفاع و نسبة تركيز الأكسجين في الدم.
ا - من مستوي سطح البحر إلي ارتفاع 10000 قدم، في هذه المرحلة لا توجد أعراض لظاهرة نقص الأكسجين.
ب - من ارتفاع 10000 إلي 16000 قدم، تعمل أجهزة التكافؤ الفسيولوجي علي عدم ظهور أعراض نقص الأكسجين، إلا إذا طالت مدة التعرض لهذا النقص، فتبدأ عملية التنفس في الازدياد عددا و عمقا، و يزيد النبض، و ضغط الدم.
ج - من ارتفاع 16000 -25000 قدم لا تفي أجهزة التكافؤ الفسيولوجي بالمطلوب، و لا تستطيع توريد الكمية الكافية من "الأكسجين" للأنسجة، و هنا يبدأ ظهور الأعراض. فنجد في هذه المرحلة تفسيرا واضحا لضيق الصدر الذي يشعر به الإنسان عندما يصعد إلي هذه الارتفاعات.
د - المرحلة الحرجة من ارتفاع 2500 فأعلي. في هذه المرحلة يفقد الإنسان الوعي تماما بسبب فشل الجهاز العصبي. فتصل التغيرات التي تحدث في الصدر في هذه المرحلة من الارتفاع إلي أقصاها، و بعدها يحدث فشل كامل في وظائف القلب و الجهاز التنفسي الفسيولوجية.
3 - ظاهرة انخفاض الضغط الجوي:
عندما يتعرض جسم الإنسان لانخفاض الضغط الجوي في الارتفاعات العالية، (كما يحدث لركاب الطائرات عندما تفشل أجهزة ضبط الضغط داخل الطائرة) تحدث مجموعة من الأعراض ناتجة عن تمدد حجم الغازات و زيادتها في جسم الإنسان. فالغازات المحبوسة في تجاويف الجسم مثل المعدة، إذا ازداد حجم الغازات داخلها فإنها تضغط علي الرئتين مما يسبب اضطرابا شديدا في التنفس، و ضيق في الصدر. يحدث نفس الشيء أيضا في القولون، الرئتين، الأسنان، الأذن الوسطي و الجيوب الأنفية و كل هذا يتسبب في آلام شديدة في الجسم. و يسبب تصاعد الغازات الذائبة في خلايا الجسم - النيتروجين - اختناقا ينتج عنه آلاما شديدة بالصدر.
ملامح الإعجاز في آيات القرآن الكريم:
ذكرت الآية الكريمة { و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا ...} أن ضيقا يحدث بالصدر عند الصعود في السماء، و هو ما أثبته العلم الحديث كما ذكرنا آنفا من أن الصعود في طبقات الجو العليا يسبب أعراضا ناتجة عن نقص الأكسجين و الانخفاض في الضغط الجوي، مما يؤدي إلي ضيق في الصدر بسبب زيادة حجم الغازات في تجويف الجسم، و ضغطها علي الرئتين، إلي جانب تصاعد الغازات الذائبة في خلايا الجسم علي هيئة فقاعات عند الارتفاعات العالية مما يؤدي لحدوث آلام شديدة بالصدر. فقوله تعالي { .. يجعل صدره ضيقا } يقدم في إيجاز شرحا دقيقا لما يحدث "فسيولوجيا " للإنسان في الارتفاعات العالية. و هذه الحقيقة العلمية المذكورة في الآية الكريمة لم يصل إليها العلماء إلا بعد اجتهاد دام عشرات السنين. أما قوله تعالي" حرجا" فهو ما يحدث للإنسان عندما يواصل الارتفاع في طبقات الجو العليا حتى يصل إلي الارتفاع الحرج كما ذكرنا من 25000 قدم فأعلي، حين يفقد الإنسان وعيه تماما بسبب فشل الجهاز العصبي.